قصص
يبيِّن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في هذه القصة منزلة الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، ومجرى القصة احتوت على نقاط عديدة والتي من أهمها:
1ـ إن الرسول خرج ليبحث عنهما بنفسه (روحي له الفدا) ولم يوكل أحد أصحابه أو رهطه بذلك.
2ـ إنه اصطحب من في مجلسه معه من الأصحاب للبحث عنهما.
3ـ إنه أبى إلا أن يحملهما - كما الظاهر للعيان - بنفسه حيث أن الأصحاب طلبوا إعانته على الأمر فأبى وقال دعوهما فإنهما فاضلان...
4ـ إنه (صلى الله عليه وآله) بيّن هذا الفعل إنما صدر منه لأن الله شرفهما وقد أقسم أن يشرفهما كما شرفهما الله وليس من وازعِ الأبوّة فقط.
5ـ إن الرسول خصّهم رغم حداثة سنهما أيضا بخطبةٍ وما أدراك ما معنى أن يخطب الرسول في وقتٍ ليس بالصلاة كما هو ظاهر من الرواية.
ألا أخبركم بخير الناس
في( البحار)(1) عن إسحاق بن سيلمان الهاشمي، عن أبيه قال:
كنا عند هارون الرشيد فتذاكروا علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فقال هارون: تزعم العوام أني أبغض علياً وولده حسنا وحسيناً، ولا والله ما ذلك مايظنون، ولكن ولده هؤلاء طالبنا بدم الحسين معهم في السهل والجبل حتى قتلنا قتلته، ثم أفضى إليها هذا الأمر فخالطناهم فحسدونا وخرجوا علينا فحلوا قطيعهم.
والله لقد حدثني المهدي، عن أبي جعفر المنصور، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس قال: بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقبلت فاطمة (عليها السلام) تبكي.
فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): (مايبكيك)؟
قالت: (يارسول الله، إن الحسن والحسين خرجا فوالله ماأدري أين سلكا)؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (لا تبكي فداك أبوك فإنَّ الله (عزّوجلّ) خلقهما وهو أرحم بهما، اللهم إن كانا أخذا في برّنا فأحفظهما، وإن كانا أخذا في بحرٍ فسلمهما).
فهبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا أحمد، لاتغتم ولا تحزن هما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة وأبوهما خير منهما، وهما في حظيرة (بني النجار) نائمان وقد وكلّ الله بهما ملكاً يحفظهما.
قال ابن عباس: فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقمنا معه حتى أتينا حظيرة بني النجار، فإذا الحسن (عليه السلام) معانق الحسين (عليه السلام) وإذا الملك قد غطاهما بأحد جناحيه.
فحمل النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن (عليه السلام) وأخذ الملك الحسين (عليه السلام)، والناس يرون أنه حاملهما.
فقال له أبو بكر، وأبو أيوب الأنصاري: يارسول الله، ألا نخفف عنك بأحد الصبيين؟
فقال: (دعوهما فإنهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة وأبوهما خير منهما).
ثم قال: (والله لأشرّفهما اليوم بما شرّفهما الله).
فخطب فقال: (أيها الناس، ألا أخبركم بخير الناس جداً وجدة)؟
قالوا: بلى يارسول الله.
قال: (الحسن والحسين، جدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجدتهما خديجة بنت خويلد.
ألا أخبركم أيها الناس بخير الناس أباً وأماً)؟
قالوا: بلى يارسول الله.
قال: (الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب، وأمهما فاطمة بنت محمد.
ألا أخبركم أيها الناس بخير الناس عماً وعمة)؟
قالوا: بلى يارسول الله.
قال: (الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب.
أيها الناس، ألا أخبركم بخير الناس خالاً وخالة) ؟
قالوا: بلى يارسول الله.
قال: (الحسن والحسين خالهما القاسم بن رسول الله وخالتهما زينب بنت رسول الله.
ألا إن أباهما في الجنة، وأمهما في الجنة، وجدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وخالتهما في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، وهما في الجنة ومن أحبهما في الجنة، ومن أحب من أحبهما في الجنة).
(القصص الولائية، الشيخ محمود الشامي/100)
------------------
1ـ بحار الأنوار43/ 303