أعلامنا
مسجد الأمير زيد يقع في قرية المالكية من المحافظة الجنوبية، ويضم ضريح الأمير زيد بن صوحان العبدي (رضوان الله عليه).
أستشهد زيد (رض) في معركة الجمل فدفن في الكوفة، وفي بعض الروايات أنه قد أرسل من قبل الإمام الحسن (ع)، والياً على البحرين. فمات ودفن في مسجده الواقع في قرية المالكية 16 كم جنوبا عن المنامة العاصمة.
له من الكرامات ما ذكره بعض فقهاء البحرين أنه لما رفعت صفيحة من القبر خرجت رائحة طيبة شمها المؤالف والمخالف.
له من الكرامات ما ذكره بعض فقهاء البحرين أنه لما رفعت صفيحة من القبر خرجت رائحة طيبة شمها المؤالف والمخالف.
نسبه:
زيد بن صُوحان بن حجر بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن ليث بن ظالم بن ذهب بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصى بن عبد القيس العبدي.
زيد بن صوحان الشهير بزيد الخير أخو صعصعة كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد ورد في فضله روايات عديدة.
قيل: إنه لم يرو عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وإنما رواياته عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، استشهد في واقعة الجمل سنة 36هـ /656م.
آل صوحان:
آل صوحان الذي ينتمي إليها زيد هم فرع من قبيلة عبد القيس المعروفة، بل عمدة هذه القبيلة، وهذه القبيلة، استوطنت البحرين الكبرى لا سيما أوال.
وعبد القيس من القبائل التي أسلمت مع من أسلم من قبائل جزيرة أوال من غير حرب وقتال، ثم عرفت بولائها إلى أهل البيت (عليهم السلام)، ويكفيها فخرا أنها من القبائل التي يحبها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فقد روي عن الإمام الرضا (عليه السلام): عن أبيه عن جده عن آبائه (عليهم السلام)، (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كان يحب أربع قبائل: كان يحب الأنصار، وعبد القيس، وأسلم، وبني تميم).
وكذلك لما أخبروه (صلى الله عليه وآله)، بقدوم وفد عبد القيس قال:
(مرحبا بهم، نِعم القوم عبد القيس).
وروى البرقي (ره) بإسناده إلى حبابة الوالبية عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال:
(والذي جعل أحمس خير بجيلة، وعبد القيس خير ربيعة، وهمدان خير اليمن، إنكم خير الفرق).
وكان آل صوحان عمدة هذه القبيلة، وزبدة هذه العشيرة، حيث كان صوحان سيدا مطاعا في قومه ورئيسا نافذ القول فيهم لا يعصى له أمر ولا تشق له عصا، فقد كتبت عائشة إلى زيد في واقعة الجمل: (فإن أباك كان رأسا في الجاهلية وسيدا في الإسلام، وإنك من أبيك بمنزلة المصلي من السابق).
وكذلك كان زيد وأخوه صعصعة سيّدين مطاعَيْن في قومهما، كما كانا محل احترام وتقدير من قبل الصحابة والتابعين.
ولزيد ثلاثة أخوة وهم: (صعصعة، سيحان، عبد الله).
قتل سيحان وزيد في واقعة الجمل سنة 36 هـ، ودفنا في قبرٍ واحد كما يذكر ابن سعد في طبقاته، ونُفي صعصعة إلى البحرين على قول بعض المؤرخين كما سيأتي.
اختلف في نسبه هل أنه زيد بن صوحان العبدي شقيق صعصة بن صوحان ؟
أم هو زيد بن عُميرة العبدي ؟
وثمة رأي ثالث يقول بأنه واحد من أحفاد زيد بن صوحان.
ولا يسعنا في هذا المقام الا أن نستبعد الأول، لأن المعروف والمتعارف عند أهل السيَر وفي كتب التاريخ المعروفة - كما سيأتي - أن زيد بن صوحان قتل في واقعة الجمل، أي في البصرة سنة 36 هـ، ودفن في موقع المعركة مع القتلى، والمعركة كما نعلم من المعارك الشهيرة في التاريخ وكذلك رجالها مشهورون لأن جلّهم من الصحابة أو التابعين، وقد ذكر أنه قتل فيمن قتل في الواقعة ودفن هناك مع القتلى، قال اليافعي: (وممن قتل يوم الجمل زيد بن صوحان، وكان من سادة التابعين صوّاما قوّاما).
بل وكانت له مواقف وتصريحات مشهودة ومعروفة في تلك المعركة وقبيل موته مما يجعلنا لا نشك في استشهاده هناك، فقد جاء في المبسوط للسرخسي ج2 ص50: (وروي أن زيد بن صوحان لما استشهد يوم الجمل قال: لا تغْسلوا عني دما ولا تنزعوا عني ثوبا فإني رجل مُحاجّ أحاجّ يوم القيامة من قتلني).
وجاء في تاريخ الطبري ج4ص514 أنه قال بعد أن قيل له: ألست تعلم أن مصر بحيالك وأن الجمل بين يديك وأن الموت دونه، فقال: (الموت خير من الحياة، الموت ما أريد فأصيب وأخوه سيحان وارتثّ صعصعة، واشتدّت الحرب).
ويتضح من النص السابق أنه قتل في بدايات المعركة قبل اشتدادها، كما يتضح مدى استبساله واستماتته في سبيل إعلاء كلمة الحق ونصرة إمامه (عليه السلام).
وفي المناقب للخوارزمي ص111: (بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: لما أصيب زيد بن صوحان يوم الجمل أتاه علي (عليه السلام)، وبه رمق فوقف عليه وهو يتألم لما به فقال: (رحمك الله يا زيد فوالله ما عرفتك إلا خفيف المؤونة كثير المعونة)، قال فرفع رأسه وقال: وأنت مولاي يرحمك الله ما عرفتك إلا بالله عالما وبآياته عارفا والله ما قاتلت معك من جهل ولكني سمعت حذيفة بن اليمان يقول: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يقول:
(علي أمير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله ألا وإنّ الحق معه ويتبعه ألا فميلوا معه).
وأخرج أبو يعلى وابن مندة والخطيب وابن عساكر من طريق علي (عليه السلام)، مرفوعا عن النبي (صلى الله عليه وآله):
(من سرّه أن ينظر إلى من يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة فلينظر إلى زيد بن صوحان).
ولم أطلع على أحد قال بأنه قتل ودفن في البحرين إلا ما ذكره المحدث الشيخ يوسف العصفور في كشكوله نقلا عن كتاب لم يذكر اسمه وقال إنه: (كتاب يشتمل على جملة من فضائل سيدنا أمير المؤمنين (عليه السلام)).
وعدم تسميته للكتاب والاقتصار على ما وصفه به يفيد أنه كتاب غير مشهور وغير معتبر، وقد وصف الحكاية التي نقلها - وكانت تتحدث عن ما جرى بين عبد الملك بن مروان وأهل البحرين من حرب وذكر أن زيدا قتل فيها - قال بأنها لا تخلو من ركاكة في التعبير وخلل في التحبير.
كل ذلك يجعلنا لا نطمئن لها خصوصا أنها تخالف ما اشتهر في كتب الأعلام والتواريخ المعتبرة من قبيل الطبري والمناقب للخوارزمي ومرآة الزمان لليافعي وغيرهم.
وبعد استبعاد الرأي الأول للأسباب المذكورة يتبقّى عندنا رأيان: زيد بن عُميرة العبدي، وزيد بن زيد بن صوحان العبدي.
وأول من قال بأنه (زيد بن عميرة) الشيخ النبهاني صاحب كتاب (التحفة النبهانية) المتوفى سنة 1950م، ورد في كتاب التحفة النبهانية للشيخ محمد ابن الشيخ خليفة النبهاني ذكر الأمير زيد في قوله: فأقول لعله زيد بن عميرة لأنه من أهل البحرين ومن المخضرمين ومن أصحاب العلاء بن الحضرمي الذي فتح البحرين ونقل عن كتاب الإصابة: زيد بن عميرة العبدي له صحبة قاله أبو عمرو ولم يزد، ثم قال وأظنه الكندي،
وروى الحارث بن أبي أسامة من طريق الجارود أنه قرأ في نسخة عهد العلاء بن الحضرمي وشهد زيد بن عميرة , وأيضا أخرج الحارث بن أسامة من طريق المسور بن عبد الله الباهلي عن بعض ولد الجارود أنه أخذ هذه النسخة من نسخة عند العلاء ابن الحضرمي حين بعثه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم)، إلى البحرين وشهد معاوية وعثمان والمختار بن قيس وقصي بن أبي عميرة ,
وفي رواية ابن أبي عمرو وسعد بن عبادة والضحاك بن أبي عمرو، وشبيب بن أبي مرشد، وفي رواية ابن قره والمستنير بن أبي صعصعة الخزاعي وأعوانه أو عبادة بن الشماخ الجهني وسعد بن مالك بن سعد بن معاذ (وزيد بن عميرة العبدي) الخ.
ثم يقول رأيه فيه:
قلت فإذا كان العلاء هو الفاتح لهذه الجزيرة وقد استشهد ببعض أهلها وزيد المذكور هو من ضمن من استشهد بهم وهو أيضا عبدي وسكنى العبديين البحرين فيحتمل والله أعلم أن زيد بن عميرة هو المشهور اليوم في أفواه أهل البلدة (بالأمير زيد) ويقولون أنه صحابي والله أعلم.
قلت: ولا يمكننا أن نعتمد قوله لكونه مجرد احتمال وتخمين بسبب تشابه الاسمين، رغم أنه احتمال وارد بسبب اتحادهما في الصحبة، وبسبب أن زيد بن صوحان ثبت أنه مدفون في البصرة، لكنه لا يكفي أن يكون دليلا على كونه زيد بن عميرة.
والرأي الأقرب ما قاله العلامة الوقور الشيخ باقر العصفور "قده" (ت 1399هـ) في كتابه (فضل البحرين) نقلا عن الشيخ عبد الحسين الحلي رحمه الله، قال: (سمعت من المرحوم الشيخ عبد الحسين الحلي (ت 1375هـ/1955م) أن زيدا هو حفيد زيد الشهيد في حرب الجمل، فهو زيد بن صوحان بن زيد بن صوحان).
ولعل هذا الرأي هو أقربها إلى الصواب، وأكثرها قبولا عند أولي الألباب، وذلك لعدة أسباب:
أولها: ثبوت مقتل زيد بن صوحان التابعي (الجد) في وقعة الجمل ودفنه في البصرة حسب المصادر التاريخية المعتبرة كما مر عليك.
ثانيها: إن القول بأنه (زيد بن عمير العبدي) كما قال به النبهاني ليس إلا احتمال ورأي ليس له سند أو دليل سوى استبعاد كونه زيد بن صوحان التابعي الذي ثبت أنه دفن في الكوفة، وأن زيد بن عمير من شهود كتاب العلاء بن الحضرمي.
ثالثها: تشابه الاسمين جعل الناس تظن أنه زيد بن صوحان الصحابي أو التابعي صاحب أميرالمؤمنين (عليه السلام)، وهو سبب وجيه كما ترى لجعل الناس تقع في الخلط والاشتباه، لأن الناس بطبعها لا تميل إلى التطويل في اللفظ فتقول (زيد بن صوحان بن زيد بن صوحان العبدي)، وإنما ستكتفي بالاسم الثنائي أو الثلاثي (زيد بن صوحان العبدي) وهذا ما جعل الأجيال المتعاقبة تشتبه.
رابعها: أن موطن عبد القيس البحرين فمن الطبيعي أن يكون لهم امتداد فيها.
ورغم إنا نميل إلى هذا الرأي إلا أنا لا نستطيع الجزم به بسبب أن الشيخ عبد الحسين الحلي - وإن كان ثقة - لم يذكر المصدر الذي استقى منه هذه المعلومة.
أما بالنسبة لتلقيبه بالأمير - وهو لقب يخلع عادة على عميد الجيش - فهو لسبب كونه (أي زيد الجد) من أمراء يوم الجمل كما جاء في الإصابة لابن حجر. وقد ذكر ابن عبد البر في (الاستيعاب) أن راية (عبد القيس) كانت بيده يوم الجمل.
وقد تكون له علاقة أيضا بما يسمى بحرب الردة، يقول ابن حجر في الإصابة: سيحان بن صوحان العبدي أحد الأخوة، ذكر سيف بن عمر عن سهل بن يوسف الأنصاري عن القاسم بن محمد أنه كان أحد الأمراء في قتال أهل الردة.
ويذكر الشيخ محمد علي العصفور في كتاب (الذخائر) في تراجم أدباء البحرين الشيخ محمد بن الحاج يوسف الأمير زيدي، ولا أدري وجه نسبته الى الأمير زيد، وربما يكون من ذرية زيد، والله العالم.
مرقده:
يقع ضريحه في مسجد يقع في قرية المالكية 16 كم جنوبا عن المنامة العاصمة، على الساحل الغربي منها، إضافة لكونه مزارا يؤمه المؤمنون من كل مكان للزيارة وتقديم النذور تقام فيه الصلوات الخمس جماعة، جددت بناءه الأخير دائرة الأوقاف الجعفرية سنة 1989م.