النَظْم والتخطيط
جميلٌ أن تكون - أيها الإنسان - في حياتك الطويلة (القصيرة) تسير وفق برنامجٍ وخطةٍ معدودةٍ بصورةٍ محكمة ومرسومة من قبل ممنهِجٍ حاذقٍ، وأن تكون لبناتها مؤسسةً بهندسةِ خبير، مؤّطرةٍ بمنظورِ مستلهِم من صميم الشريعة.
ستجد أنك تعيش لحظاتك برؤية ورويّة، لأن الدّليل حكيم والخارطة واضحة المعالم ومبيّنة الأثر.
منهاجٌ يبعث نفَسٍ متجدد الرؤية، وينفخُ روحاً تسمو بعالم المعنى في حياة الإنسان.
فقد ورد عن أهل بيت العصمة: (ضلَّ من ليس له حكيمٌ يرشده)، وجاء عنهم أيضا: (من تَساوى يومَاه فهو مغبون).
في أي اتجاه تسير؟
وفي أي طريق تسلك؟ وفي أي سبيل تروح؟
وإلى أين ينتهي بك المطاف؟
وماذا ستكون نهاية الطريق؟
إن ثقافة النَّظم والمنهجة - وللأسف الشديد - غائبة عن مجتمعنا الإسلامي إلا من رحم الله، رغم تأكيدِ وحثِّ النصوص الإسلامية الكثيرة على هذه القضية، لذلك نجد أن من أحد عوامل الإكبار التي نحملها للشخصيات القيادية المثاليّة من علماء ومفكرين وأضرابهم في حياتنا هو دقّة النَظْم والانضباط والتخطيط السليم الذي يتبعونه ونلاحظه كطابع عام في حياتهم بل نعول لأهم أو أحد أسباب النجاح وبلوغ الهدف في مسير حياتهم هو ناتج عن تمسكهم بهكذا منهجية وتخطيط وانضباط.
إننا بحاجةٍ ماسةٍ لعملية مَصْلٍ في جسد هذا المجتمع بمفهوم النَظْم والانضباط، والنصوص التي وردتنا من مدرسة أهل البيت كفيلة لبث النَفَس في رئتنا المخدّره والتي منها وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبنائه قبل رحيله: (أوصيكما ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ونظم أموركم).
فيظهر من هذه الوصيّة الربانية والتي أخذت من الأهمية بمكان أنه أوصى بها في آخر لحضات حياته، وأيضاً تلازم مفهوم التقوى والنظم في كلام الإمام مما يدلل على أهمية هذا الأمر وحيوته في شريعتنا السمحاء.