معالم وأعلام
مسجد يقع في قرية سترة - العكر من المحافظة الوسطى ويضم ضريح الشيخ سهلان بن علي. (القرن الأول الهجري).
لم نجد له ترجمة في كتب التراجم والأعلام ولكن ورد ذكره في القصة التي أوردها الشيخ يوسف صاحب الحدائق (قدس الله روحه) في كشكوله والتي يبدو أنه نقلها عن كتاب (مقتل أمير المؤمنين عليه السلام) للسيد عبد الجبار الحسيني الموسوي (ره) (ق11).
يقول الشيخ آغا بزرك الطهراني في الذريعة مبديا رأيه في الكتاب المذكور: (مقتل أمير المؤمنين ع ) للسيد عبد الجبار بن الحسين الحسيني الموسوي البحراني، معاصر المحدث الحر (ت 1104هـ) كما في (أمل الآمل) وهو مبسوط متداول في بلاد القطيف البحرين يقرأونه في أيام الشهادة وغيرها، وفيه خطبة البيان المنسوبة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وفيه الموضوعات مثل تكلم سلمان مع الأمير ع في حال الخطبة بمسجد الكوفة مع أنه توفي قبل الخلافة الظاهرية له، ومثل فرار صعصعة وزيد ابني صوحان وإبراهيم بن مالك الأشتر إلى البحرين أيام عبد الملك بن مروان عنه ولحوقه بهم وقتله لهم ودفنهم هناك مع أن صعصعة مات بالكوفة أيام معاوية وزيد صاحب الراية يوم الجمل وقتل فيه، وإبراهيم قتل فيه مع مصعب ابن الزبير وقبره قرب الحميرات من أراضي الدجيل مشهور بقبر الشيخ ابراهيم.
وهذا أيضا رأي الشيخ علي البلادي (قدس سره) صاحب (أنوار البدرين) في الكتاب المذكور، حيث يقول بعد الإشارة الى هذه الحكاية:
(والظاهر أن هذه الحكاية لا أصل لها والله العالم لأن زيد بن صوحان قتل يوم الجمل في واقعة البصرة.. وأما أخوه صعصعة فالظاهر من بعض الكتب المعتبرة أنه قتله معاوية ولم يبق إلى زمان الحسين (عليه السلام) فضلا عن زمان عبد الملك أو أبيه مروان).
وعليه فلا نستطيع التعويل على هذه القصة.
ولكن يمكن أن يستفاد من رأي الشيخ يوسف طيب الله ثراه حول هذه القصة من أن هذه المراقد (زيد وعمير وابراهيم وصعصعة وسهلان) معروفة بهذه الأسماء في عهد سابق على عهد الشيخ يوسف، أي قبل القرن الثاني عشر، حيث قال: وحكاية الحكاية وإن كانت لا تخلو من ركاكة في التعبير وخلل في التحبير مع إصلاح كثير منها حال النقل إلا أن مضمونها موافق لما هو الموجود الآن في تلك البلاد ومشهور بين الخلف والسلف من قبور أولئك الأمجاد، فإن قبور هؤلاء المشار إليهم كلهم موجودة في البحرين.
ويبقى السؤال من أين جاءت تسمية هذه المقامات، وما صحة نسبتها إلى أولئك الأعلام؟
والجواب لا يخرج عن عدة افتراضات:
1. أن هذه هي الحقيقة، أي أن ما يعرف عند الناس الآن من نسبة هذه المقامات إلى أولئك الأعلام هو الحق، ولكن لأن الثابت أن بعضها غير صحيح كزيد بن صوحان وإبراهيم الأشتر - كما ذكرنا في ترجمتيهما -، وعليه فإن هذا الافتراض ساقط على الأقل فيما يتعلق بهذين العَلَمَين.
2. أن في الأمر تلفيق واختلاق، وهذا التلفيق إما بسبب كتاب (مقتل أمير المؤمنين ع) المشار إليه، أو بعض المصادر الغير معتبرة التي استقى منها هذه الأخبار.
3. أن لهذه الحكاية أصلا صحيحا في بعض الكتب المفقودة ولكن دخل عليها تحليلات وتحشيات وزيادات من رواتها فطفحت بالمغالطات و تناقضت مع الواقع في بعض الجوانب.
4. أن هناك شبهة في بعض الأسماء (كصعصعة، وزيد، وابراهيم الأشتر، وكذلك النبي صالح)، فربما تشابه الأسماء جعل الناس تعتقد أن هذه المقامات لأولئك الأعلام.
5. أن بعض هؤلاء هم من أبناء وأحفاد أولئك الأعلام المعروفين، كما قال به البعض (كقول الشيخ عبد الحسين الحلي في زيد وقول الشيخ محمد علي التاجر في صعصعة).
والحكاية مع ما فيها من مخالفات تاريخية ومبالغات لا نستطيع الحكم بخطئها كلها، فقد لا تخلو من بعض الصحة، وقد يكون الشيخ سهلان أحد الولاة والأمراء الذين ولّاهم الإمام الحسن ابن علي (عليهما السلام) على البحرين، والله أعلم.
إلا أن القدر الثابت والمقطوع به تاريخيا: أن زيدا قتل في معركة الجمل ودفن مع القتلى كما مر عليك في ترجمته من هذا الكتاب، وإبراهيم ابن مالك الأشتر قتل مع مصعب ابن الزبير ودفن قرب سامراء وله مرقد مزور هناك.
وإما ما يخص الأمير سهلان فلم نقف له على ذكر في غير هذا الكتاب لذلك فلا نستطيع ردّه ونفيه بالكلية، فربما اعتمد على مصادر ليست متوفرة لدينا الآن وهذا وارد جدا بسبب ضياع وفقدان الكثير من كتب علمائنا الأقدمين بسبب ما جرى عليهم من بلاءات عظيمة ورزايا جسيمة.
مرقده:
يقع مرقد الشيخ سهلان في قرية العكر على بعد 7 كم جنوب المنامة العاصمة، ومرقده مزور معظّم ومتبرك به.
بناؤه الحالي منذ مطلع الثمانينات من القرن الميلادي المنصرم، حوالي سنة 1981م، قام ببنائه الحاج جعفر بن محسن بن زهير (مواليد 1948م) بمعاونة أهل العكر، بإشراف الشيخ منصور الستري رحمه الله، واستمر البناء فيه لمدة سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات.
أول من تولى سدانة المقام - وذلك قبل الترميم وبنائه الحالي - الحاج سلمان بن طلاق (المتوفى في 7 اكتوبر 1990م) ، ولم يعرف عن أحد قبله تولى قيمومة المقام لأن هذا الأمر مستحدث فلم يكن في السابق متعارفا لدى الناس أن يختاروا شخصا قيما على المسجد وإنما الأمر متروك لتطوّع الناس فكل من يسبق المصلين يشعل الفانوس ويؤذن، وهذا جار على كل المساجد والمقامات الأخرى في البحرين، ثم من بعده الحاج عبد الله بن أحمد بن سرحان حتى عام 2001م، وهو عمدة العكر السابق، ساعده الحاج علي بن رضي بن محمد علي بن محمد بن سرحان (من مواليد 1945م)، ومن بعده ابنه الحاج عبد المجيد بن عبد الله بمساعدة الحاج علي بن رضي أيضا.
ويوجد في جوار الشيخ سهلان قبر لعالم آخر اسمه الشيخ مُقبل، ولا يعرف له خبر ولم أجد له ذكرا.
ممن صلى في هذا المسجد:
الشيخ علي بن الشيخ جعفر أبو المكارم (رحمه الله) المتوفى سنة 1944م الذي كان قاضيا في المحكمة الجعفرية في وقته.
وابنه الشيخ عبد المجيد (رحمه الله) المتوفى في 26 رمضان سنة 1423هـ.
وصلى فيه أيضا الشيخ منصور الستري (رحمه الله) المتوفى سنة 2000م.
بل أقام فيه الجمعة في الفترة التي هدم فيها جامع سترة ، فكان يصلي جمعة فيه وجمعة أخرى في المعامير، وممن صلى فيه أيضا الشيخ عبد الحسن آل طفل المتوفى سنة 1996م.
وهذا المقام له مكانة عظيمة في نفوس أهل العكر والقرى المجاورة، وله وقوفات كثيرة من بساتين وعقارات وحظور بحرية، ومن عادة أهالي العكر أيضا أن المتزوج يصلي فيه ركعتين ليلة الزفاف، وهو مزار معروف يؤمه الناس من مختلف مناطق البحرين والبلدان المجاورة، وينذر له.